
التنمر من المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي تؤثر على الفرد والمجتمع بأكمله، حيث يمكن أن يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية وزيادة العدائية والاضطرابات النفسية. وعلى الرغم من أنه يحدث في جميع الأعمار، إلا أنه يترك آثارًا أكبر على الأطفال والشباب، حيث يمكن أن يؤثر على تعليمهم ونموهم النفسي والاجتماعي.
Contents
ما هو مفهوم التنمر؟
يشير مفهوم التنمر إلى سلوك عدواني ومتكرر يستهدف إيذاء شخص آخر بشكل نفسي أو جسدي، ويتم هذا السلوك عادة عبر استخدام الكلام العدائي، والتشهير، والاستهزاء، والتهديد، وغيرها من السلوكيات السلبية.
وتتميز ظاهرة التنمر بالتركيز على الإذلال والتخويف والتشهير بالضحية، ويتم ذلك عادة عبر استغلال السلطة أو القوة أو الشعبية لتحقيق أهداف شخصية على حساب الضحية. ويعد ظاهرة شائعة في مختلف المجتمعات، وتتسبب في العديد من المشاكل النفسية والعاطفية والاجتماعية للأفراد المتعرضين لها
ما هي أعراض التنمر؟
تختلف الأعراض التي يعاني منها الأفراد المتعرضون للتنمر، وتعتمد على نوع التنمر ومدة وتكرار وشدة التعرض له. ومن بين الأعراض الشائعة للتنمر:
1- الشعور بالقلق والتوتر: يشعر الضحية بالتوتر والقلق المستمر والخوف من التعرض للتنمر مرة أخرى.
إقرأ أيضا:السلوك العدواني: المفهوم، الدوافع وكيفية العلاج2- الشعور بالعزلة والانعزال: يتجنب الضحية التواصل مع الآخرين ويشعر بالعزلة والانعزال عن المجتمع.
3- الشعور بالإحباط واليأس: يفقد الضحية الثقة بالنفس ويشعر بالإحباط واليأس ويتراجع في الأداء الأكاديمي أو العملي.
4- الاضطرابات النفسية: قد يعاني الضحية من الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى.
5- الشعور بالتعب والإرهاق: يعاني الضحية من التعب والإرهاق بسبب الضغط النفسي الذي يتعرض له.
6- التغيرات السلوكية: يمكن أن يلاحظ الآخرون تغيرات في سلوك الضحية، مثل الانسحاب والتردد في التحدث والحركة.
7- الأمراض الجسدية: يمكن أن يعاني الضحية من أمراض جسدية مثل الصداع والأرق والتعب الشديد.
أنواع التنمر
هناك عدة أنواع تختلف بناءً على السياق والظروف التي يحدث فيها التنمر. ومن بين الأنواع الشائعة للتنمر:
1- االجسدي: ويشمل ذلك اللكم والضرب والركل والتعرض للإصابة بالأدوات الحادة.
2- اللفظي: ويشمل ذلك استخدام الكلام العدائي والاستهزاء والتشهير والتهديد والإساءة إلى الشخصية.
3- الاجتماعي: ويشمل ذلك عزل الشخص وتجاهله وإهماله والتلاعب بعلاقاته الاجتماعية.
إقرأ أيضا:الانتحار: ما الذي تفعله عندما يفكر أحد في الانتحار؟4- الإلكتروني: ويشمل ذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة للتنمر على الفرد.
5- الجنسي: ويشمل ذلك التحرش الجنسي والإيذاء الجنسي والاعتداء الجنسي.
6- العنصري: ويشمل ذلك استخدام العنصرية والتمييز العنصري والتعرض للإيذاء بسبب العرق أو اللون أو الجنسية.
أسباب التنمر
تعتمد أسبابة على عدة عوامل، ومن بين العوامل الشائعة التي يمكن أن تؤدي إلى حدوثه:
1- الضعف الذاتي: يمكن أن يكون الضحية ذات ضعف نفسي أو اجتماعي، مما يجعلها هدفًا سهلًا للمتنمرين.
2- الغيرة والتنافس: خاصة في المنافسات الأكاديمية أو الرياضية.
3- الفوارق الاجتماعية: مثل العرق، أو الجنس، أو الدين، أو الطبقة الاجتماعية.
4- الضغوط النفسية: نتيجة للضغوط النفسية التي يتعرض لها المتنمرون، مثل الإحباط والغضب والتوتر.
5- التربية السيئة: يمكن أن تؤدي التربية السيئة إلى نمط سلوكي يتضمن التنمر، ويمكن أن يكون ذلك نتيجة للتعرض للتنمر من قبل الآباء أو الأقران.
إقرأ أيضا:التسول: التعريف، الأسباب، الأنواع والعلاج6- التأثر بالوسائط الإعلامية: يمكن أن تؤثر الوسائط الإعلامية في تشجيع المتنمر، وخاصة في الأعمال الفنية التي تصور العنف والتنمر على أنها سلوكيات مقبولة.
التنمر المدرسي
يحدث بين الطلاب في المدارس أثناء التعليم الأساسي والثانوي. ويشمل أيضًا الذي يحدث خارج المدرسة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثلا.
تتضمن أسباب التنمر المدرسي، عدة عوامل، منها:
1- الاختلافات الاجتماعية بين الطلاب، مثل العرق والدين والثقافة والطبقة الاجتماعية.
2- الضعف الذاتي لبعض الطلاب، والذي يجعلهم هدفًا سهلًا للمتنمرين.
3- العدم القدرة على إدارة الصراعات والخلافات بين الطلاب.
4- عدم وجود الرقابة الكافية على سلوك الطلاب والمتنمرين.
يؤدي التنمر المدرسي إلى تأثيرات سلبية على الطلاب، ومنها:
1- تدني مستوى الأداء الأكاديمي.
2- الشعور بالقلق والتوتر وعدم الراحة.
3- الشعور بالعزلة والانعزال عن المجتمع.
4- تدهور الصحة النفسية والنفسية الاجتماعية للطلاب.
موقف الإسلام من التنمر
الإسلام يحث على التعاون والتآزر بين الناس وينص على أن جميع الناس متساوون في الحقوق والواجبات، ويحث على الاحترام والتسامح والرحمة والعدل في التعامل مع الآخرين، وينهى عن التنمر والإيذاء والإساءة للآخرين.
في القرآن الكريم، يُذكر: “وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۗ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ”.[1] وهذا يدل على أن التشهير والإساءة للآخرين هو محرم في الإسلام.
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا”.[2] وهذا يدل على أن التناحر والتنمر والحقد والبغضاء هي سلوكيات محرمة في الإسلام.
كيف نواجه الشخص المتنمر؟
يمكن أن يكون التعامل مع شخص متنمر صعبًا للغاية، ولكن هناك بعض الأشياء التي يمكن القيام بها لمواجهة هذه المشكلة. ومن أهمها:
التحدث مع المتنمر بصراحة: يمكن أن تبدأ بالتحدث إلى المتنمر بصراحة حول كيف يؤثر تصرفه عليك وعلى الآخرين. يمكن أن تقول له بأن سلوكه يجعلك تشعر بالضيق والإهانة وأنه يؤثر على علاقتكما.
البحث عن الدعم: يمكنك البحث عن الدعم من الأشخاص المقربين لك مثل الأصدقاء أو العائلة أو المشرفين. يمكنهم تقديم الدعم والمشورة حول كيفية التعامل مع المتنمر.
الابتعاد عن المتنمر: إذا لم يتغير سلوك المتنمر، فقد تحتاج إلى الابتعاد عنه والتجنب من الاقتراب منه. يمكن أن يساعد هذا على تقليل الضغط النفسي الذي تشعر به.
الإبلاغ عن المتنمر: في بعض الحالات، يمكن أن يكون الإبلاغ عن المتنمر للمسؤولين المعنيين، مثل المشرفين في المدرسة أو العمل. يمكنهم اتخاذ إجراءات لوقف المتنمر وحماية الضحايا.
البحث عن العلاج النفسي: إذا كان التنمر يؤثر على صحتك النفسية، فقد تحتاج إلى البحث عن العلاج النفسي المناسب. يمكن أن يساعد العلاج على تقوية مهارات التعامل مع المشكلات والتغلب على تأثيراتة.
علاج التنمر
علاج التنمر يتطلب تعاونًا شاملاً من المجتمع والأفراد، ويشمل عدة خطوات، منها:
1- المعالجة النفسية الفردية: من خلال العلاج النفسي الفردي، والذي يساعدهم على تحسين صحتهم النفسية والاجتماعية، وتعزيز ثقتهم بالنفس.
2- العلاج الجماعي: الانضمام إلى جلسات العلاج الجماعي، حيث يمكنهم التحدث عن تجربتهم والتعرف على أشخاص آخرين يشاركونهم نفس التجربة.
3- التدريبات الاجتماعية: الحصول على التدريبات الاجتماعية والتعلم كيفية التعامل مع الآخرين وتحسين مهارات التواصل.
4- التدخل المدرسي: يمكن للمدارس العمل على توفير برامج لمكافحة التنمر، وتشجيع الطلاب على إبلاغ المدرسة عن حالات التنمر، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب المتعرضين للتنمر.
5- التشريعات والسياسات: يمكن للحكومات والمؤسسات العمل على وضع التشريعات والسياسات لمكافحة التنمر وتشجيع السلوكيات الإيجابية.
أجمل ما قيل عن التنمر
- “لا يمكن للشجرة أن تنمو جيدًا إذا تعرضت للتنمر، فكذلك الإنسان لن ينمو جيدًا إذا تعرض للتنمر.” – مجهول
- “هو انعدام الاحترام والمشاعر الإنسانية الأساسية التي يجب أن تكون موجودة في كل إنسان.” – باربرا كولوروسو
- “التنمر ليس قوة، بل هو ضعف يؤثر على الضحية والمتنمر على حد سواء.” – جانيت موريس
- “يؤدي إلى تدمير الثقة بالنفس، والثقة بالنفس هي مفتاح النجاح في الحياة.” – كيفن دورانت
- “هو أن يقف شخص ما على رجل واحدة، والعالم كله يقف على الرجل الأخرى.” – ل. دوروثي نولت
- “هو عدم القدرة على فهم الآخرين، وفي النهاية سيؤدي هذا إلى فقدان الاحترام الذاتي والثقة بالنفس.” – جيسيكا ألكسندر
- ” هو الإرهاب النفسي، ويجب علينا جميعاً العمل على التصدي له والقضاء عليه.” – مادونا
- ” هو سوء استخدام القوة والتفوق على الآخرين، وهو ما يجعله مسيئًا وغير مقبول في المجتمع.” – بيتر باناش
- “هو عدم القدرة على الاحترام والتقدير للآخرين، ويجب علينا جميعاً العمل على تعزيز الاحترام والتسامح في المجتمع.” – جيمس ليه
- “هو شكل من أشكال العنف، ويجب علينا جميعاً العمل على التصدي له والحد من انتشاره.” – كاترينا هوينغ.
الخاتمة
في النهاية، يجب علينا جميعًا أن نعمل معًا لمكافحة التنمر وإيجاد طرق للتعامل معه. فهو يؤثر على الصحة النفسية العامة والعلاقات الاجتماعية، ويجب علينا جميعًا أن نتحلى بالتسامح والاحترام والتعاطف في التعامل مع الآخرين. يجب علينا جميعًا العمل على تعزيز ثقافة الاحترام والتعاون والتسامح في المجتمعات، وتشجيع الآخرين على الكفاح ضدة والتحدث عنه بصراحة. إذا كنت تعاني منة، لا تتردد في الحصول على الدعم اللازم من الأشخاص المقربين لك والمتخصصين في الصحة النفسية. التنمر لا يجب أن يكون جزءًا من حياتنا، ويمكن القضاء عليه إذا عملنا معًا وتحلى بالتسامح والاحترام.
[1] الآية 12 سوره الحجرات.
[2] صحيح البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.