
Contents
تعريف الالتهاب (Inflammation)
يُعرّف الالتهاب على أنه استجابة تحفيزية وحماية طبيعية من جانب الجهاز المناعي للجسم والتي تستند إلى تفاعلات بيولوجية متعددة ومعقدة تحدث في الأنسجة المصابة. يُعد الإلتهاب استراتيجية تطورت لحماية الجسم من الإصابة أو العدوى أو الأذى الخلوي. يشمل تفاعلات متتابعة وتنظيمية تشمل تفاعلات الخلايا المناعية والأوعية الدموية والمركبات الكيميائية.
عندما يحدث التهديد للجسم مثل الجرح أو العدوى البكتيرية يقوم الجهاز المناعي بإطلاق استجابة التهابية. يتم ذلك من خلال تجميع خلايا المناعة في المنطقة المصابة وإفراز مركبات كيميائية مثل السيتوكينات والبروستاجلاندينات والفاكتورات النسيجية. تؤدي هذه المركبات إلى توسيع الأوعية الدموية مما يؤدي إلى زيادة تدفق الدم والوسائط الالتهابية إلى المنطقة المصابة. تؤدي هذه التغيرات إلى ظهور أعراض الإلتهابات مثل الاحمرار والانتفاخ والألم.
تعتبر العملية التهابية ضرورية لالتئام الجروح وتطهير العدوى وإصلاح الأنسجة المصابة. ومع ذلك قد يحدث توازن غير صحيح في العملية التهابية في بعض الحالات مما يؤدي إلى الإلتهاب المزمن الذي يمكن أن يسهم في عدة أمراض مزمنة مثل التهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض القلب والسكري.[1]
كيف يحدث الالتهاب
- التعرض للمصدر المؤثر: يتم تنشيط آلية الإلتهاب عندما يتعرض الجسم لعوامل مسببة للتهيج مثل الجرح أو العدوى البكتيرية أو الأجسام الغريبة.
- استجابة الأوعية الدموية: تتحفز الأوعية الدموية المحيطة بالمنطقة المصابة للتوسع وزيادة تدفق الدم. يحدث ذلك بفعل إفراز مركبات كيميائية مثل الهستامين والبروستاجلاندينات مما يؤدي إلى احمرار المنطقة وزيادة ترطيبها وتأمين إمدادات الأكسجين والمواد الغذائية والخلايا المناعية إلى المنطقة المصابة.
- نشاط الخلايا المناعية: يتم تجنيد خلايا المناعة مثل النيوتروفيل والماكروفاج للانتقال إلى المنطقة المصابة. تتحرك هذه الخلايا إلى مكان الإلتهاب وتقوم بتناول العوامل المسببة للتهيج والجراثيم والخلايا الميتة. تقوم الخلايا المناعية أيضًا بإفراز مركبات كيميائية مثل السيتوكينات والبروستاجلاندينات والفاكتورات النسيجية التي تنظم وتعزز عملية الإلتهاب.
- تنشيط الجهاز العصبي: يتم تنشيط الجهاز العصبي الوحشي والجهاز العصبي اللاإرادي للتأثير على الإلتهاب. يتم ذلك من خلال إشارات عصبية ترسل من المنطقة المصابة إلى الجهاز العصبي المركزي مما يسبب زيادة في الحساسية المحيطة بالمنطقة المصابة وإفراز مركبات كيميائية مثل النورأبينفرين والأشباه المورفينية.
هذه العمليات المتعددة تتداخل معًا لتوجيه خلايا المناعة والوسائط الكيميائية إلى المنطقة المصابة وتعزيز الاستجابة الالتهابية للتهديد المحتمل أو الأذى. تعد آلية الإلتهاب هذه أحد أساسيات الجهاز المناعي للحفاظ على صحة الجسم وتعزيز الشفاء والتئام الأنسجة المصابة.
إقرأ أيضا:الأعصاب : ما هي وكيف تعمل؟أنواع الالتهابات
- الالتهاب الحاد
يكون الالتهاب الحاد رد فعلًا سريعًا ومفاجئًا للجسم تجاه التهديدات أو الإصابات. يحدث الإلتهاب الحاد بشكل عام في فترة زمنية قصيرة ومحددة ويتميز بأعراض واضحة مثل الاحمرار والانتفاخ والسخونة والألم. يعمل الإلتهاب الحاد على تحفيز الجهاز المناعي للتعامل مع العوامل المسببة للتهيج وإصلاح الأنسجة المتضررة.
2. الالتهاب المزمن
يستمر الالتهاب المزمن لفترات طويلة تزيد عن عدة أشهر وقد يستمر لسنوات. يحدث الإلتهاب المزمن عندما يستمر الجهاز المناعي في الاستجابة للتهديد أو الإصابة لفترة طويلة دون أن يتمكن من حل المشكلة بشكل كامل. قد يكون الإلتهاب المزمن مرتبطًا بالأمراض المزمنة مثل التهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة وأمراض الأمعاء الملتهبة. يتميز الإلتهاب المزمن بتراكم الأضرار الخلوية وتغيرات في الأنسجة وقد يكون أقل وضوحًا في الأعراض مقارنة بالإلتهاب الحاد.
هذه هي الأنواع الرئيسية للالتهاب وتعتبر فهمها مهمًا لفهم العملية الالتهابية والاستجابة المناعية للجسم في مختلف الحالات.
أعراض الالتهاب [2]
- الاحمرار: يحدث زيادة في تدفق الدم إلى المنطقة المصابة مما يؤدي إلى تغير لونها وظهور الاحمرار.
- الانتفاخ: يحدث تراكم سوائل وخلايا التهابية في المنطقة المصابة مما يتسبب في انتفاخها وازدياد حجمها.
- الألم: يعتبر الألم أحد الأعراض الشائعة للالتهاب. ينشأ الألم نتيجة تهيج الأعصاب والتأثير على المستقبلات الحسية في المنطقة المصابة.
- السخونة: يحدث زيادة في درجة حرارة المنطقة المصابة بسبب توسع الأوعية الدموية وتدفق الدم الساخن إليها.
- الحمى: في حالات الإلتهاب الشديد يمكن أن يرتفع مستوى الحرارة في الجسم بشكل عام مما يؤدي إلى ظهور الحمى.
- التعب: قد يشعر المصابون بالإلتهاب بالتعب والإرهاق العام نتيجة تفاعل الجهاز المناعي واستهلاك الطاقة.
- فقدان الشهية: يعاني بعض المصابين بالإلتهاب من فقدان الشهية وقلة الاستهلاك الغذائي بسبب الأعراض العامة وعدم الرغبة في الأكل.
قد تختلف الأعراض من حالة لأخرى وتعتمد على نوع الإلتهاب والمنطقة المصابة في الجسم.
إقرأ أيضا:الألم: الأسباب، الأعراض، العلاج ومقاييس الألم 1الأمراض المرتبطة بالالتهاب
- التهاب المفاصل الروماتويدي [3]
يعتبر التهاب المفاصل الروماتويدي اضطرابًا التهابيًا مزمنًا يؤثر على المفاصل حيث يتسبب الإلتهاب في تدمير الغضاريف والأنسجة المحيطة بالمفاصل.
- أمراض القلب والأوعية الدموية
الالتهاب عاملًا مساهمًا في تطور أمراض القلب والأوعية الدموية مثل الذبحة الصدرية والسكتة الدماغية. الإلتهاب يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية وتكوين تجلطات الدم مما يزيد من خطر حدوث مشاكل قلبية وأوعية دموية.
- السكري
يرتبط الالتهاب بتطور مرض السكري من النوع 2 حيث يؤدي الإلتهاب المزمن إلى تقليل حساسية الخلايا للأنسولين وزيادة مستويات السكر في الدم.
- السرطان
الالتهاب المزمن يمكن أن يلعب دورًا في تطور بعض أنواع السرطان حيث يؤدي الإلتهاب المزمن إلى تعزيز النمو الخلوي غير الطبيعي وتغيرات جينية قد تسهم في تشكيل الأورام السرطانية.
- أمراض الجهاز التنفسي المزمنة
يمكن أن يكون الالتهاب عاملًا مساهمًا في تطور أمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية المزمن.
إقرأ أيضا:الأعصاب : ما هي وكيف تعمل؟هذه مجرد بعض الأمثلة على الأمراض المرتبطة بالإلتهاب. يُظهر ذلك أهمية فهم الإلتهاب ودوره في تطور وتقدم العديد من
الأمراض المزمنة.
الأدوية المضادة للالتهاب
- الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): الأمثلة على هذه الأدوية الأسبرين والإيبوبروفين والنابروكسين. تعمل هذه الأدوية على تثبيط إنزيمات معينة تسبب الإلتهاب في الجسم وبالتالي تخفف الألم والانتفاخ.
- الكورتيكوستيرويدات: تعتبر الكورتيكوستيرويدات مثل الكورتيزون والبيدنيزولون من الأدوية المضادة للالتهاب التي تعمل على تقليل الالتهاب وتخفيف الأعراض المصاحبة. تستخدم هذه الأدوية عادة في الحالات الشديدة أو المزمنة.
- المستحضرات البيولوجية: تعتبر المستحضرات البيولوجية واحدة من أحدث التطورات في علاج الالتهابات المزمنة. تستهدف هذه العلاجات البروتينات والمستقبلات الخاصة بالجهاز المناعي للتحكم في الإلتهاب. تشمل المستحضرات البيولوجية العديد من الأدوية مثل مثبطات عامل نخر الورم (TNF) والمضادات الالتهابية الأخرى.
بالإضافة إلى العلاج الدوائي يمكن أن يكون للتغذية السليمة ونمط الحياة الصحي أثر إيجابي على التحكم في الإلتهاب
الوقاية من الالتهاب
الحفاظ على نمط حياة صحي: يتضمن ذلك الحفاظ على وزن صحي وممارسة النشاط البدني بانتظام والحصول على قسط كافٍ من النوم وإدارة التوتر والضغوط الحياتية.
ممارسة النشاط البدني المنتظم: يساعد ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة في تعزيز الدورة الدموية وتقوية الجهاز المناعي مما يسهم في الوقاية من الالتهابات.
تناول نظام غذائي متوازن: ينصح بتناول نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الصحية مثل الأسماك والبقوليات والدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات. تجنب الأطعمة المصنعة والمشبعة بالدهون الضارة قد يكون أيضًا مفيدًا.
الامتناع عن التدخين: يعتبر التدخين عاملًا مساهمًا في زيادة خطر الالتهابات وتفاقم الحالات المزمنة. إذا كنت مدخنًا يوصى بالاستعانة بالدعم اللازم للإقلاع عن التدخين.
الوقاية من العدوى: يجب اتخاذ إجراءات الوقاية المناسبة لتجنب العدوى المحتملة مثل غسل اليدين بانتظام واتباع التعليمات الصحية العامة.
يجب ملاحظة أن الالتهابات قد تحدث رغم اتباع إجراءات الوقاية وإذا كنت تعاني من أعراض الإلتهاب المستمرة أو المزمنة يجب التشاور مع الطبيب للتشخيص والعلاج المناسب.
[1] Medzhitov, R. (2008). Origin and physiological roles of inflammation. Nature, 454(7203), 428-435.